مدريد-خاص
عقد في العاصمة الاسبانية ملتقى مدريد الثقافي الدولي عن مستقبل العلاقات العراقية الاسبانية بالاشتراك بين المؤسسة الاوربية لتعارف الاديان ومؤسسة مسارات في بغداد.
حاول هذا الملتقى تأسيس نقطة شروع للعلاقات العراقية الإسبانية عبر توفير منصة تدعم تطوير العلاقات على جميع المستويات بين البلدين، وبلور من خلال جلستين حيزا مقارنا وخلاقا بين النخب العراقية والاسبانية للإفادة من مقارنة تجربتي البلدين من حيث البعد الثقافي وتجربة ادارة التنوع والهوية الوطنية والتعايش السلمي.
شجع على عقد الملتقى وجود عدد من عناصر التشابه واللقاء على حد قول “سعد سلوم” المنسق العام لمؤسسة مسارات، لا سيما وإن العراق قد تخلص من حكم شمولي أستمر لعقود، وما يزال يمر بمرحلة مؤلمة للانتقال الى الديمقراطية خلال السنوات السبع عشر الماضية، إذ تعد اسبانيا من بين أخر الدول الأوروبية التي تخلصت من الحكم الشمولي بعد أن كانت تحت حكم الجنرال فرانكو منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1939 حتى وفاته 1975. ودخلت البلاد مرحلة التحول الديمقراطي بعد ذلك إذ تحولت إلى ملكية دستورية .
ويرى “علاء البهادلي” رئيس المؤسسة الاوربية لتعارف الاديان إن الملتقى يسعى من خلال شعار (الوحدة في التنوع) لتطوير فهم أعمق لما تمثله التعددية والتنوع من قوة، فكما تمثل إسبانيا اتحاد التأثيرات من أوروبا وإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، وهذا هو السبب في أنها مثال واضح على التنوع الثقافي الخلاق، يعد العراق مثالا على تمازج وإتحاد تأثيرات حضارية مختلفة تضافرت على مدى عشرات القرون خلقت منه بلدا تعدديا فريدا في الشرق الأوسط
“ايزابيل روميرو”، رئيسة المجمع الاسلامي في اسبانيا والتي تقود هذه الاطار الذي يضم الاسبان المسلمين، أشارت الى ان مجالات التعاون يجب العمل عليها بشكل مشترك بين النخب الاسبانية والعراقية، وان الشعب الاسباني يحمل مشاعر عميقة وصادقة للشعب العراقي .
من جهة ثانية أشار الارشمنديت “دمتري روخيلو سايث” البطريرك المسكوني للقسطنطينية الى اهمية العمل عبر قنوات الدبلوماسية الدينية للبحث عن الإسس المشتركة لتعزيز التعايش السلمي، لا سيما في ضوء التراث الغني الديني للعراق مهد الاديان السماوية.
وقد لقيت حفاوة غالية من قبل الشعب العراقي خلال زيارتي ليس من قبل المسيحيين فحسب، بل والمسلمين كذلك، وفي العراق تراث مسيحي عريق مهم للعالم أجمع.
على صعيد متصل شدد البروفسور “اغناطيوس غوتيريث تيران” استاذ اللغة العربية في جامعة أوتونوما في مدريد، على سؤال إدارة التنوع مهم لاسبانيا في ضوء التاريخ العنيف التي شهدته اسبانيا في التطهير العرقي، ونحن الان لتصالح مع ما فعلناه بالمسلمين، وشير البروفسور تيران- قد يتعلم العراقيون من تجربتنا، كما اننا ايضا قد نفيد من تجربة العراق في مجال التعديلات الدستورية. وختم حديثه بالقول : إن لاسبانيا دورا في ان تشكل همزة الوصل بين الاتحاد الاوربي والعالم الاسلامي
“ياسر عبد الحسين” الدبلوماسي من السفارة العراقية في مدريد، أكد على ان من المهم تطوير العلاقات العراقية الاسبانية عبر مد الجسور الثقافي، إذ تعد اسبانيا بلدا مهما من الناحية الثقافية للعراق بما يملكه من مقومات من ابرزها اللغة، إذ تُعَد الإسبانية ثاني لغة في العالم من حيث عدد من يتكلمها (تأتي بعد اللغة الصينية المندرينية مباشرة وتفوقها من حيث وتيرة الانتشار)، وهي المنفذ إلى الإنتاج الثقافي في جميع البلدان الناطقة بالإسبانية بجميع أشكاله: الأدبي والفني والسينمائي، وغير ذلك) ، لهذا من المهم تشجيع تدريس الاسبانية في العراق والعالم العربي في ضوء عدم تفعيل هذا المنحى لحد الان.
وأكد المشاركون بشكل عام على وجود أسس متشابهة بين تجربتي العراق واسبانيا، إذ ينص كل من دستور إسبانيا لعام 1978 والدستور العراقي لعام 2005 على حماية التعددية الثقافية واللغوية، في هذا السياق من المهم أن لا يكتفي الدستور بالحماية السلبية، بل ينبغي إن يُلزم السلطات العامة بتعزيز التنمية الثقافية للمجتمع بما يخدم المصلحة العامة، وتمكين الجميع من الافادة منها. وقد قطعت إسبانيا منذ اعتماد دستورها أشواطاً كبيرة فيما يتعلق بتوفير البنى التحتية الثقافية وتشجيع الإبداع وتنظيم جميع الهيئات السياسية للانشطة الثقافية، وهذه التجربة تعد مهمة بالنسبة للعراق.
كما إن إسبانيا هي ثالث أكبر بلد من حيث عدد المواقع المصنفة ضمن التراث العالمي من قِبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) . ومن بين التحديات الكبرى تحسين ُإدارة هذا التراث وإدماجه في مجتمع المعرفة، وأكثر أدوات الإدارة فعالية ما يُسمى الخطط الوطنية، التي يقودها معهد التراث الثقافي الإسباني؛ وتساهم فيها إدارات أخرى
وأخيرا، في ضوء التراث الحضاري والديني الغني للبلدين كيف يمكن توظيف الارث الحضاري والثقافي والديني الغني في البلدين، والمقارنة بين تنظيم الأنشطة الثقافية على جميع المستويات الإقليمية والاتحادية والأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي والحكومات المحلية. والسؤال الاشكالي المرتبط بكيفية جعل الثقافة قطاعاً استراتيجياً لتعزيز “مكانة كل من البلدين على الصعيد الدولي